مختصون:الفكر الضال جريمة.. والمسؤولية مشتركة لحماية الأبناء منها

صدى الجبيل- فوزية الطواله -أفنان ملا
يعيش العالم موجة اضطراب بسبب التطرف الفكري الذي انتشر مؤخرا بشكل بات يستدعي البحث في العوامل التي ساعدت على انتشاره “صدى الجبيل استضافت كوكبة من المختصين لتسليط الضوء على أهم العوامل التي قد تدعم رؤية التطرف وكيف يمكن مكافحة التطرف.
“أهمية التعايش”
الأستاذة “نوره الحمودي ” أكاديمية علم اجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز” أكدت جرم الفكر المتطرف وتنافيه مع الفطرة الإنسانية وقالت” إن ما نشهده من تطرف فكري وما ينتج عنه من زعزعة لأمن هذا البلد وأمانه، يعتبر من الجرائم المتنافية مع الفطرة الإنسانية ومع الخبرات الإجتماعية التي تدلنا على أنه ما عرفت المجتمعات يوما الإتفاق، سوى في أندر الحالات والمجتمعات المنغلقة تماماً، وحيث نعيش عصر الانفتاح الذي يستحيل معه أن نتشابه جميعنا في العرق واللون والفكر والثقافة، فإن القيم الإسلامية تدعونا لتقبل هذا الإختلاف وأن نتعايش معه، حيث هذا التعايش وحسن الخلق هو الداعي لسبيل المولى عز و جل بالحكمة والموعظة الحسنة.
“عوامل متعددة”
وأشارت “الحمودي” من جانب آخر الى تعدد العوامل التي تؤدي بالشباب للوقوع ضحايا للفكر المتطرف، والمؤدية لهذا التطرف. نجد على رأسها الأسرة كأول مؤسسة يعيش في أحضانها الطفل لترسم له ملامح مستقبله وما سوف يحمله عقله من قيم ومعايير قد تتفق أو تختلف مع المجتمع ليحمل ثقافة فرعية انحرافية هي النواة للعديد من الانحرافات ومنها الفكر المتطرف فتندرج الأسرة ضمن العوامل المؤدية لقبول الفكر المتطرف.
وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية من مساجد وسواها وبيئة العمل وجماعة الرفاق خاصة المقربين منهم، فكل هذه العوامل لها تأثيرها بشكل مباشر أو غير مباشر على تقبل الفكر المتطرف وتبنيه وتبني تطبيقاته العملية. مشيرة أن أصحاب الفكر الضال يعانون حالة اضطراب دائم، فالفكر المتطرف لا يؤذي فقط الطرف الذي نختلف معه وإنما يؤذي معتنقه أولاً وأخيراً حيث لا سكينة في قلبه، فهو على الدوام منشغل فكريا بالطرف الآخر الذي يرى ضرورة أن يكون متفقا معه.
“السد المنيع”
واكدت في تفصليها أن الأسرة تلعب دورا هاما في حفظ المسار الصحيح للأبناء فكما أن الأسرة إحدى عوامل تقبل الفكر المتطرف هي أيضا إحدى أهم العوامل في تشكيل سد منيع يحول دون قبول هذه الأفكار، ويتم ذلك من خلال أن تكون هذه الأسرة متبنية لهذا المنهج الرباني القائل “لكم دينكم ولي دين”، وأحاديث النبي صلوات الله وسلامه عليه والتي تدعو لنبذ العصبية، فتنشئة الطفل على قبول الآخر المختلف في الإنتماء القبلي أو الثقافي أو العرقي هي أولى الطرق وأهمها لتشكيل هذا الدرع الواقي ضد التطرف، كما أن على الأسرة أن تفتح أبواب الحوار على الدوام مع صغارها حتى تنقل لهم الكثير من التجارب الإجتماعية والخبرات التي يحتاجون إليها، وتتعرف إلى ما لديهم من توجهات أو أفكار تحتاج للتعديل قبل أن يشتد عودها، كذلك على الأسرة متابعة أبنائها ومعرفة من يصادقون فالمرء على دين خليله كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه، فعلى الآباء والأمهات أن يكونوا على مستوى عال من الوعي الذي يمكنهم من اكتشاف مواطن الخلل قبل وقوع ابنهم فيها، فدور الأسرة مهم وخطير و لا يتوقف إلى آخر مرحلة من مراحل حياتنا الإجتماعية، لذا لابد أن تستمر هذه الأسرة في دعم الأبناء ما قبل و بعد وقوعهم ضحايا لهذا الفكر، بحيث تكون هي الملجأ وهي الحضن الأول والأخير لهذا الإبن مهما اخطأ، حتى تكون أبواب العودة مفتوحة له على الدوام.
“دور الصروح التعليمية”
وتعد الصروح التعليمية من العوامل الهامة فهي تجمع شريحة كبيرة تعتبر سلاح ذو حدين حسب تسخيرها ، فكثيرا ما كتبت وسائل الإعلام عن المشاكل التي يواجهها بعض التلاميذ المختلفين عرقيا على سبيل المثال مع الأساتذة أو الطلاب، وكيف يتم احتقارهم والتصغير من شأنهم، والحقيقة أن للمدرسة دور هام وخطير كذلك في نبذ الفكر المتطرف، فهي ثاني مؤسسة من مؤسسات التنشئة تحتضن هذا الصغير لتغرس في عقله العديد من القيم التي يراها عمليا أمامه على يدي المعلمين والطلاب، فمكافحة الفكر المتطرف هي من خلال مكافحته بشتى صوره، فلا نقبل الإساءة للمختلف عرقيا أو مذهبيا أو ثقافيا، لمجرد هذا الإختلاف، وعلى إدارة المدرسة الحرص على أن يتم نقل الصور الإيجابية لعقول الطلاب، وعلى الوزارة كذلك التشديد على سلوكيات المعلمين والطلاب بحيث تنعدم هذه الصور السلبية، وينشأ الطلاب وقد تم تربيتهم على نبذ أي تطرف أو تعصب.
“ثقافة الإختلاف”
وترى الحمودي أنه ومع هذا الإنفتاح الذي نعيشه، ومع زيادة الوعي بوجود آخر مختلف في مذهب أو عرق أو لون أو حتى في تشجيع فريق كرة القدم، ومع ما نراه من نتائج سلبية يقع ضررها على كامل فئات المجتمع من فقدان لأهم نعمة وهي نعمة الأمن والأمان، فبلا شك أن هناك حاجة ماسة لضرورة رفع مستوى الوعي والإدراك لخطورة الفكر الضال على معتنقه وعلى أفراد المجتمع جميعاً، مشيرة إلى المجتمعات التي تم تدميرها بشكل شبه كامل، مشددة على دور المسؤولية الإجتماعية نحو التوعية وحماية النفس والأهل والأرواح والأموال من تبني هذه الأفكار المتطرفة وشروطها.
“العولمة”
وقالت “الحمودي “تعتبر وسائل الإعلام أحد أقوى المؤثرات في المجتمعات المعاصرة في حياة الأفراد، فمن خلالها يمكن نقل سمات الثقافات العالمية، وبوجودها عرف العالم ما يسمى بالعولمة، وهي حالياً صناعة ضخمة تضم الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات والسينما والانترنت بما يضمه بين صفحاته وبرامج التواصل الإجتماعية الحديثة، وتعمل وسائل الإعلام على غرس العديد من المفاهيم والقيم والمعايير في أنفس أفراد المجتمع، و هذه القيم قد تكون سلبية هادمة، وقد تكون إيجابية بناءة، ويتجلى هنا دور الأسرة في الإشراف على اختيار القنوات المناسبة التي يستقي منها الطفل قيمه، وتساهم في تشكيل سلوكه بعد ذلك.
“أصحاب السوء”
إن الدراسات الإجتماعية تشير إلى أن جماعة الرفاق هم من أقوى العوامل المؤثرة على صغار السن بالذات، في تبني وتقبل العديد من السلوكيات والقيم سواء الإيجابية أو السلبية، ونظرا لخصائص هذه المرحلة العمرية فإنهم يكونون أشد التصاقا بأصدقائهم، وأكثر تقبلا لما يأتي منهم وبذلك تعتبر جماعة الرفاق من العوامل المساهمة فعلا في نشر الأفكار الهدامة وفي تطبيق ما يرتبط بها من جانب عملي مشيرة أن مجرد اختلاط الأسوياء بالمنحرفين لا يكفي في ذاته لخلق الإنحراف، وإنما يرجع الأمر إلى مدى قوة هذا الإختلاط وقوة استجابة السوي للمنحرف ومقدار إعجابه بهذا السلوك أو استهجانه له.
” دراسة مجدية”
ومن جانب آخر بينت “الحمودي”قوة الترابط والتفاعل والتداخل بين المشاكل الإجتماعية ببعضها البعض، حيث لا يمكن دراسة الفكر المتطرف دون ربطه ببقية المشاكل الإجتماعية التي تتصدر المشهد في الواقع المعاصر الذي ارتفع فيه معدل التفكك الأسري وبدأنا نشهد بعض الحالات المتطرفة التي تعاني من تدني في المستوى التعليمي أو الإقتصادي، وإن كان لا يمكن الربط بين هذه المشاكل الإجتماعية والتطرف بالمطلق، وقالت رغم هذه الصلة بين العديد من المشاكل الإجتماعية والتطرف والإرهاب، إلا أن المجدي هو عمل دراسة حالة لكل متطرف على حدة، لمعرفة العوامل المؤدية لاعتناق هذا الفكر في المجتمع السعودي، مع علمي بصعوبة إجراء أمثال هذه الدراسات، ولكن يظل لها أهميتها لفهم هذه المشكلة ورسم الخطط المناسبة لعلاجها.
“التنشاة السليمة”
وتتفق الدكتورة “فتحية القرشي” استاذ مساعد قسم علم الإجتماع والخدمة الإجتماعية بجامعة الملك عبد العزيز..تتفق على حقيقة أن للعوامل الإجتماعية دور كبير في اعتدال أو انحراف الفكر والسلوك، وبالرغم من أهمية تأثير وضع الأسرة الإجتماعي والإقتصادي إلا أن أساليب التعامل والتنشئة لها الدور الأكبر في تطرف وانحراف الفكر والسلوك، كما أن طبيعة العلاقات وأساليب الحياة المحيطة بالأشخاص داخل وخارج المؤسسات التربوية عندما تتكامل في إتجاه العنف والتمرد فإنها تؤدي إلى ظهور أنماط تفكير وسلوك عنيف وتنحو نحو التطرف.
وأضافت ” القرشي”قد يرجع التطرف والعنف في التفكير والسلوك إلى خبرات مؤلمة وإحباطات متراكمة أو فقدان الأمل في العدالة والحق، وضعف أو تضليل في المعتقدات الدينية وفي بعض الحالات قد يرجع إلى فراغ وجداني وشعور بالعجز والنقص يتيح بنجاح استغلاله بأساليب تعويضية ملائمة وجذابة،ذلك توجب الاهتمام بمؤسسات التربية والتعليم وتنظيم أنشطة تطوعية وتثقيفية تتيح مشاركة الشباب في استقرار وازدهار الوطن وتوجد لديهم الوعي الكافي لمقاومة ورصد كل ما يهدد حياة وأمن الوطن والمواطنين.
” مرحلة المراهقة”
و قال الدكتور محمد بن عبدالعزيز الشريم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود مستشار تربوي وأسري في موقع لها اون لاين وناشط في مجال الاستشارات التربوية والإجتماعية لصدى الجبيل حيث قال :”
نعيش في عالم متغير، ملئ بالمؤثرات التي يصعب التحكم فيها، فتصبح إمكانية سيطرة الأسرة على الأبناء (ذكورا وإناثا) أكثر صعوبة
وقد كثر الحديث عن التطرف لدى الشباب، حيث صار بعضهم يميل لتبني بعض الأفكار المتطرفة سواء في التشدد في التدين أو التفلت منه ومعلوم أن المراهق يمر بتغيرات نفسية وسلوكية مهمة، من أبرزها: كثرة التذمر، العناد والمشاكسة، محاولة إثبات الذات
ومن أهم أسباب تلك السلوكيات: شعور المراهق أنه شخص كبير وليس طفلا، ورغبته في الاستقلال بقراراته، وألا يتلقى التوجيهات من أحد
وأكد الدكتور محمد على أنه يحتاج المراهق استقرارا نفسيا وعاطفيا، ومالم يتحقق هذا الاستقرار بشكل متوازن فإنه يصبح ضعيف الشخصية سهل الانقياد للآخرين
ولابد أن تمارس الأسرة مهارات الحوار مع الطفل والمراهق، وتتحمل الوقت والجهد في سبيلها، وذلك حتى ينشأ الأبناء واثقين من أنفسهم ،
ويجني المربون ثمرة تحملهم مناقشات الأطفال أو المراهقين في المستقبل، حينما يصبحون كبارا ناجحين في تحقيق طموحاتهم وأحلامهم.
“ثقافة ال
احترام”
وحذر” الشريم” من السخرية من آراء الطفل أو المراهق عند محاورته، بل لابد من احترام رأيه ومجادلته بالحجة الصحيحة والمنطق الواضح،
وارجع الشريم وجود مراهقين يميليون للثورة إلى غياب الحوار الأسري، رفض تبادل الآراء، عدم تقبل النقاش العقلي الهادئ وتحقير الطفل أو المراهق وإشعاره بأنه بلا قيمة أو احترام يجعله أكثر ميلا إلى ارتكاب أعمال متهورة يظهر بها قدراته لنفسه ولغيره، موضحا أن المراهق
يميل بطبعه إلى الثورة على الأفكار والممارسات السائدة، ولاسيما إذا شعر أن أسرته أو مجتمعه يفرضها عليه دون اقتناعه بها.
“خلل في التربية”
وقال “الشريم” كثير من الشباب المغرر بهم والذين انحرفوا (غلوا أو انفلاتا) لم يحظوا بتربية متوازنة، ولذلك حاولوا إثبات أنفسهم بسلوكيات سلبية،وقد يميل بعض المراهقين إلى تقليد شخصية البطل الأسطوري الذي يراه في الأفلام، وأحيانا تكون الجماعات المنحرفة طريقا سهلة لتحقيق ذلك.
مركزا على ضرورة رفع معنويات الطفل والمراهق وإشعاره بأن أسرته تثق بقدراته وتتوقع منه إنجازات متميزة وتدعمه لتحقيقها من أفضل سبل الوقاية. ولنتذكر دائما أن المراهق الذي يستطيع إثبات نفسه وقدراته بشكل إيجابي نادرا ما يلجأ إلى السلوكيات السلبية ليثبت بها ذاته، مؤكدا ان الجانب العاطفي هو ملجأ أمان للطفل حيث قال:(الحب ثم الحب ثم الحب، لابد أن يشعر الطفل والمراهق بأنهما محبوبان جدا وأن أسرتهما لا تساوم على محبتهما أبدا مهما كانت الأسباب ،وقبل ذلك وبعده، يجب على الوالدين الدعاء في كل حين، ولاسيما في أوقات تحري الإجابة لأبنائهم بالصلاح والهداية والحفظ من كل شر.
“السماسرة”
الدكتور عبدالعزيز “المشيقيح” استاذ علم الإجتماع بجامعة القصيم يرى أن العوامل الاجتماعية كالفقر البطالة و التفكك الأسري هي بيئات حاضنة للفكر الضال، ويسهل التغرير بصغار السن من قبل السماسرة حيث يغرر بهم مقابل الحصول على مبالغ مالية .وشدد “المشيقح” على ضرورة عمل دراسة عميقة لمعرفة كيف يتمكن المضللون من السيطرة على عقول الشباب، ليتم التمكن من توجيه فكر الشباب توجيها صحيحا وحمايتهم من الإنسياق خلف الفكر الضال.
http://jubail4.com/news/2015/07/11/%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A7%D9%84-%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%85/#.VaHMLQ3ZUjw.whatsapp.
|